كمساري: فكرُ الإمام هو البرمجيةُ التي تُديرُ البلاد وتُجيبُ عن أسئلة واحتياجات اليوم

كمساري: فكرُ الإمام هو البرمجيةُ التي تُديرُ البلاد وتُجيبُ عن أسئلة واحتياجات اليوم

كَمْساري: فكرُ الإمام هو البرمجيةُ التي تُديرُ البلاد وتُجيبُ عن أسئلة واحتياجات اليوم / ولا يمكن التعاملُ مع جيل اليوم بطريقةٍ فُرضيّة / الجائزةُ العالمية الأولى للإمام الخميني (قدس سره) تُقام في ٢٦ آذر (۱۷ کانون الأول ۲۰۲۵) بحضور رئيس الجمهورية

قال رئيسُ مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني (قدس سره)، مستندًا إلى التعبير العميق لقائد الثورة الإسلامية بأن «فكر الإمام هو البرمجية وروح الجمهورية الإسلامية»:

«إذا اعتبرنا الجمهورية الإسلامية جهازَ حاسوبٍ (هاردوير)، فإن هذا الجهاز بلا برمجية فكر الإمام لا يملك أيَّ فاعلية. إنّ سبب تأكيد القيادة على الإمام هو كونه حكيمًا؛ والحكمة، كما نقرأ في قصة لُقمان، لا تبلى بمرور الزمن».

حجة الإسلام والمسلمين الدكتور علي كَمْساري، رئيس المؤسسة، وفي الندوة المتخصصة لبحث أفكار الإمام التي استضافتها جامعة شهيد جمران في الأهواز، أكّد على «ضرورة الرجوع إلى فكر الإمام في العصر الحاضر» وعلى ضرورة فهم كيفية التعامل مع هذا الإرث العظيم.

وقال كمساري محذرًا من تقديم «صورة كاريكاتورية» عن مؤسس الجمهورية الإسلامية:

«بعد ٣٦ عامًا من رحيل الإمام، ما زلنا بحاجة إلى برمجية فكر الإمام لعبور التحديات الاقتصادية والثقافية».

وأعلن ـ منتقدًا الغفلة الثقافية ـ عن إقامة الجائزة العالمية الأولى للإمام الخميني (قدس سره) في ٢٦ آذر الجاري (۱۷ کانون الأول الجاري) بحضور رئيس الجمهورية.

ثنائية «الإمام التاريخي» و«الإمام صانع التاريخ»

بدأ رئيس مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني (قدس سره) حديثَه بإثارة هاجسٍ أساسي، وقال:

«إحدى القضايا المثارة اليوم، والتي هي محل اختلاف الآراء، هي ضرورة الرجوع إلى آراء وفكر الإمام في الزمن الراهن. والسؤال هنا: بعد ٣٦ عامًا من رحيله، هل ما زلنا بحاجة إلى الإمام أم لا؟ هذه المسألة نقطةُ افتراقٍ بين رؤيتين مختلفتين»:

١. الرؤية الأولى: الإمام بوصفه شخصيةً تاريخية

قال كمساري:

«ثمة رؤية تعتبر الإمام شخصيةً تاريخية، شأنه شأن الشخصيات المؤثّرة في التاريخ، التي ظهرت في عصرٍ ما ثم طُويَت صفحتها برحيلها. ومن هذا المنظور، لا نرجع إلى الإمام إلا كما نرجع إلى شخصيةٍ تاريخية، حيث يعتقد أصحاب هذا الرأي بأنّ عصر الإمام قد انتهى، وينبغي التركيز على المرحلة التي بعده».

٢. الرؤية الثانية: الإمام بوصفه شخصيةً صانعةً للتاريخ

وتابع كمساري:

«في المقابل، نحن أمام إمامٍ صانعٍ للتاريخ؛ إمامٍ لا يُقيَّد بالزمن ولا يفقد فكره تأثيره بمرور السنين؛ إمامٍ ما زال يُنتج تياراتٍ ويُلهِم الحركات. هذا الإمام هو الذي ربّى باكري، همّت، وزين‌الدين، وهو الذي أخرج عماد مغنية، وأبو مهدي المهندس، ويحيى السنوار، وحتى الشهيد الذي ارتقى قبل أيام في حزب الله. بل إنه أثّر في أفريقيا والشرق الأقصى أيضًا».

وشدّد:

«إنّ الرجوع إلى فكر الإمام ليس بدافع الحب أو التعصّب أو ردّ الجميل، بل هو ضرورةٌ لمعرفة طريق الصلاح والفلاح».

انتقاد واضح لحذف اسم الإمام في بعض الأعمال الثقافية

أشار حجة الإسلام كمساري إلى نتائج النظر إلى الإمام بوصفه «شخصية تاريخية» فقال:

«إذا اعتبرنا أنّ عصر الإمام قد انتهى، فلن نقلق بعد ذلك من أن الشباب لا يعرفونه، أو أنّ اسمه وصورته قد خفُت حضورُها. وهذه النظرة هي ما يسبّب بعض الغفلات التي نشهدها اليوم».

وأضاف قائلًا:

«في الجمهورية الإسلامية، يُنتج عملٌ فنيّ، وتُصرف عليه مليارات، وتُذكر فيه أسماء بعض العظماء، ولكن لا يُذكر فيه اسم الإمام الخميني. اتصلتُ بأحد المسؤولين المعنيين معاتبًا، فقال: إن شاء الله نُعوّض في العمل القادم، لكنهم لم يُعوّضوا حتى في العمل الذي تلاه».

التحذير من تقديم «صورة كاريكاتورية» عن الإمام

تابع كمساري حديثه متناولًا آفاتِ طريقةِ التعريف بالإمام، محذّرًا من تقديم «صورة كاريكاتورية» عنه، وقال:

«في الرسم الكاريكاتوري تُرسَم ملامح الشخص، لكنّ النِّسَبَ تُشوَّه؛ فالعين تصبح بحجم العدس، والأنف بحجم الجزر. والنظرة الكاريكاتورية إلى الإمام تعني أن نُكبِّر جزءًا من فكره ونُبرزه بما يناسب أهواءنا واحتياجات يومنا، بينما نُهمِل أو نُصغِّر أجزاءً أخرى».

وأكد:

«مدرسة الإمام هي مدرسة تلفيقية وليست تفكيكية. فقد كان الإمام في قمّة الفقه، والأصول، والفلسفة، والعرفان في آنٍ واحد».

إصدار «موسوعة مؤلّفة من ٥٠ مجلدًا»؛ وثيقةٌ على شمولية الإمام العلمية

وأوضح كمساري أنّ العمل العلمي الأضخم المتعلّق بفكر الإمام قد اكتمل، وقال:

«إنّ نشر موسوعة الإمام الخميني في 50 مجلدًا يُعدّ وثيقةً واضحة على شمولية الإمام العلمية وتنوع اهتماماته في الفقه والأصول والفلسفة والعرفان والسياسة والاجتماع، وهو عملٌ يحفظ تراثه بصورة دقيقة ومنهجية».

وأضاف:

«هذه الموسوعة تُظهر أنّ الإمام لم يكن فقيهًا أو عارفًا أو قائدًا سياسيًا فحسب، بل كان منظومةً فكريةً متكاملة. وهذا ما يفرض علينا أن نقدّم صورته الحقيقية لا صورةً ناقصة أو مُجزّأة».

الحاجة إلى مخاطبة الجيل الجديد بلغة العصر

وأشار كمساري إلى أنّ التعامل مع الجيل الجديد لا يمكن أن يكون بطريقةٍ أمرية أو فوقية، قائلاً:

«لا يمكننا مواجهة جيل اليوم بأساليبٍ فُرضيّة أو تقليدية. هذا الجيل يعيش في عالمٍ رقميّ سريع، ولا يقبل الخطاب الشعاراتي. لذلك يجب أن نُعيد قراءة فكر الإمام بلغةٍ مفهومة، تُجيب عن أسئلة الشباب وتُخاطب همومهم».

وتابع:

«إذا أردنا أن يبقى الإمام حاضرًا، فعلينا أن نقدّم مبادئه في قالبٍ عقلاني وحديث، لا أن نكتفي بالنقل الحرفي أو التكرار غير النافع».

فكر الإمام هو الحلّ لمشكلات اليوم

وأكد كمساري أنّ فكر الإمام ليس تراثًا ماضيًا، بل «برمجية» لإدارة الحاضر والمستقبل، وقال:

«أمام التحديات الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية، ما زال فكر الإمام هو الطريق نحو الخروج من المأزق. لأنّه فكرٌ يقوم على العدالة، والكرامة الإنسانية، والاستقلال، ونُصرة المستضعفين، والاعتماد على الشعب».

وأضاف:

«من دون العودة إلى هذه الأسس، ستبقى الحلول سطحية أو وقتية، ولن تُنقذ المجتمع من أزماته»

---------

القسم العربي، الشؤون الدولیة.

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء